الاثنين، 12 يناير 2009

الُمحـــــــــــــــَاكمةُ



أرجوكْ اتركْ معصمي ..
إلى أين تُقودني؟!!...
فجأة وجدتني داخل حجرة مظلمة تخلو إلا من حارس ببابها...
ما هذا المكانُ المخيفُ ؟!..
تماديت في الصراخ ،أخذت أضرب الأرض بقدمي و اقرع على بابها..
أينّ أنا ..أينّ أنا ؟!..
حينها فقط أتاني صوت الحارس من خلف الباب ..إهدئى فأنت رهن الاعتقال..
أخذت أصيح به لما ..لما؟!
و سقطتْ من فوري مغشياً على..
أفقت على صوته الأجش و تعبيرات وجهه الغليظة ..
- انهضي
ثم جذبني بشده ...لأجدَ نفسي داخل قفصٍ حديدي ..أناسٌ كثيرةٌ أنظارها متجهةٌ إليَّ في شفقةٍ، رجلُ ذو هيبةٍ يقولُ بكلِ حسمٍ.
- أيتها المتهمةُ ..إلتزمى الصمتَ.
حينها أدركتْ أنىّ بالمحكمةِ .. جالتَ برأسيَّ الظنونُ،تملكتنيَّ الحيرةَ .. كادتْ تفتكَ برأسيِ.
تساءلتْ ....
- لماذا أنا هنا في قفصِ الاتهامِ ؟!.
و لم أدر عندما قامتَ سيدةُُ ناعمةٌُ في زى المحاماةِ تقولَ .
- سيدي القاضيِ المتهمُ برئ حتى تثبتَ إدانتهُ،لدىّ ما أدافعُ بهِ عنها،ليتسع صدرَ عدالتكم.
- تفضلي أيتها العاطفةُ،و هاتْ ما عندك.
- سيدي العقل أنتّ دائماً كنتْ تسيطرَ عليها تفكرٌ بك،تحكمُ بشوراك،تتحركُ بنبضك أنت، لو أن تدخلي الفطريٌ كانَ موجوداً.
- أكملي ما عندكِ أيتها العاطفةُ.
- أستاذيَّ عندما تسيطرُ أنت يتسعُ المجالُ لوجودي ..لكن حينما أسيطرُ أنا فلا مجالَ لوجودك أنت..
- أتهزئين بي أيتها العاطفةُ ؟! ماذا تُعنين بحديِثك هذا ؟..
- ألتمسُ المعذرةَ ..أنا حقاً لا أهزأَ بكم. لكن موكتلي أحبتَ بكلِ ما تملكُ من نبضِ و وجدانِ.. أصبحَ حُبها هو كلِ دنياها.. لن تحيا بدونِ هذا الحبُ و لا لدونهِ..صدقني.
- و هل في هذا الحبُ ما يجعلها تهملُ دوريّ أو تنسى وجودي ؟
- اسمحْ لي فأنت لا تعرفُ الحبَ كما أعرفه أنا،لذا فإني على يقينِ من أنك لن تشعرَ بها مثلي ...
- سطحيةُُ أنت ..من أخبرك أنى لا أعرفَ الحبَ؟!
- إن كان ..إذاً فليتسعُ صدركم لسماعِ المتهمةِ..لكن أرجوكَ أن تنصتَ أليها بأذنِ القاضيِ لا المجنيُ عليهِ.
- لها ذلك يا سيدتي...
- المتهمةُ ..سيدي القاضيّ أنا لا أعرفُ ماذا أقولٌ لكمَ..لكن لتصدقني..لم يكن ثمةَ شئً بإرادتي..كانَ شعورُ غريبً يعتملٌ بداخلي..كنتْ أشعرَ دائماً بتيهٍ.. بضيقٍ ..بضجرٍ حينما يكون بعيداً، يقتربُ لينتشلني من كلِ هذا. لم أكنْ لألغى دوركَ ..لجأتْ إليكَ كثيراً لكي تساعدني ..لكنك لم تفعلْ و الآن تحاكمني ؟!
- أنت هنا لتدافعي عن نفسكِ لا لتحاكمينني..
- سيدي أرجوكْ ألنْ إلىً في حديثكِ ..أكادَ أسقطَ مغشياً علىّ.
- أيها الحاجبُ فكَ قُيودِها،و أخرجها خارج قفصِ الاتهامِ.
- و الآن أنت لستْ متهمةً بشئٍ..فأكملي إن شئتْ حديثك.
عندها بكتَ المرأةُ في زى المحاماةِ..فأشارَ إليها القاضي.
- إصمتىْ من فضلكِ أنت دائماً متهورة..
ثم أشارَ إلى بإصبعهِ..
- أنت أكملي ما بدأتهَ..
- سيدي كنتْ ألجأ إليك دائماً كنتْ تذكرني بصمتهِ و كلماتهِ..بنظراتهِ و همساتهِ..بحركاتهِ و سكناتهِ..لماذا؟!
- لم أكن لأخدعك لقد صدقتكَ و ربُ البيتِ.
- ما الذيْ حدثَ إذاً..أكاد أجن ؟!
- دعين أعلمك شيئاً يا صغيرتي ..الحبُ شعورُ جميلاً يحتلُ الكيانِ..إذا أحببتْ فإنك تملئين الدنيا من حولكِ وروداً حمراءُ..ترين كل شئِ جميلاً..تلهينَ برقةِ كفراشةُ ناعمةُ..تسحرينَ الأنظارَ بروعتكِ النابعةُ من داخلكِ، هذا ما حدثَ معك ..أكان شعوراً جميلاً بالنسبةَ إليك؟
- كانَ شعوراً جميلاً حقاً يا سيدي ..أجملَ ما فيهِ أنى أحسستُ أن هذا الرجلُ الذي سيملك قلبي موجوداً بعالمِنا ..صدقني لم أكن من قبلِ متعجرفةٍ حمقاء لكن ما كان قلبيّ ليملكَ بتلك السهولةُ..آآآه يا سيدي ما جدوى كل ذلك و قد جرحتَ في النهايةِ ؟..بالله لما تسألني و تذكرني ؟!
- حتى تحددي وجهتكَ و إلى أين أنت ذاهبةُ و عما تبحثين.
إصدقينني القول: أمازلت تحبينهَ ؟؟
- صدقني لقد أحببتُ فيه أشياءً كثيرةً ..أشياءُ هو نفسهُ قد لا يراهاَ..لكنني كرهتَ إهمالهَ فما أنا بالمرأةِ التي تهملُ..أما الآن فأنا أيضاً أحبُ إهمالهَ هذا و ألتمسُ له الأعذارَ..آآه أسألُ ربي أن ينقذنيَّ؟ مما أنا فيهِ..يا إلهي لا تكلني لنفسي طرفة عين.
- إذا فما زلت تحبينهَ..
- و ما جدوىَ ذلك و قد أخبرتكَ أن الجرحَ صعبُُُ و أنى لم أعدْ بعد اقوي على الاحتمالِ ..أشعرُ كأني مصابةً بمرضِ خبيثِ و باقٍ ساعات على نهايتي.
- مرضٌُ خبيثُ!!... يا له من تشبيهِ سيئ..إن كان حبكُ صادقاً مهماً كانتَ نهايتَهِ يا ابنتي فقد أهنتهِ بتشبيهكِ هذا.
- آسفةُ يا سيدي لم أكنْ أقصدُ ذلكَ ..هي حقاً مهاتراتُ انفعالِ..فما أحسهُ بداخلي الآن ليس هيناً على.
- معك حقِ أحسُ تلك الثورةُ بداخلكِ..لكن اسمعيني يا صغيرتي ..أيا ما كان فقد أحببتَ و هذا مكسبُ جمُ.
حينها تحدثت المرأةُ بزى المحاماةِ بدون إذنٍ ،بداَ منها أنهُ تصرفَ طائشَ.
- دائماً تُحدثها عن المكسبِ و الخسارةِ فتقصيها عنك.
- إصمتى أنت أنا لا أحدثُها عن المكسبِ و الخسارةِ بل أحدثها عن العاطفةِ ..أحدثُها عنكِ أيتها الشقيةُ..فلتصمتي و إلا أخرجتُك من قاعةِ المحكمةِ.
حينها جلستَ المرأةُ في هدوءٍٍ و حانت منهِ إالتفاتةً إلىَّ قائلاً:
- يا صغيرتي أنت تحبينهَ حقاً ..و ما دمتَ تحبينه فتمنى لهِ السعادةِ معكِ أو مع غيركَِ فالحبُ أرقى من أن يكونَ امتلاكاً.
و للمرةِ الثانيةِ صدرَ تصرفً أهوجَ من المرأةِ العاطفةِ و هي تقولُ:
- لا بل الحبَ امتلاكاً.
و حينها التفتُ إليها قائلةً:
- لا أنا لستَ معكِ هذه المرةُ ..فالحبُ أرقىَ من أن يكونَ امتلاكاً..الحبُ وروداً نزرعُها و نرويها ..حديقةً قُلوبنا بوفائِها أحلىَ ما فيها..الحبُ بحرُ بلا شطئانِ ..فضاءُ بلا حدودِ أنا لم و لن أحبَ لأملكَ.. يكفيني من السعادةِ فقط أنني أحببتُ.أما سمعتْ حديثَ رسولِ اللهِ.
- العاطفةُ ..نعم لقد سمعتهَ.
- إذا فلتكفْ عن أنانيتكِ تلك.. و التفتُ:
- سيدي العقلُ بعد ذلك سألجأ إليكَ دائماً فهي كما دعوتها أنت مندفعةُ متهورة.
- ليس كذلكَ يا صغيرتي..لكن كما قالتَ هي سابقاً إذا لجأتْ إلى ستجدينها بجانبي بحكم الفطرةِ ..لكن إن لجأت إليها فلن تجدينني هناك.

انتهت المحاكمة
بقلم: رباب السنهوري

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ان تلك الكلمات والتعبيرات ....
لا تخرج الا من قلب وعقل واعد
لا أجد فى كلماتي ما يكفى للتعبير عن مدى شعورى ..بصدق كلماتك

الى الامام رباب
اخوكي محمد السنهورى